كفاية السنة حيث لا بيت مال ولا تمكن من شيء يستحقه أو استعجال الحقوق أو قرض يجد قضاءه في المستقبل وخشي استئصال قطر من أقطار المسلمين والإستعانة بالكفار والفساق حيث معه مسلمون يستقل بهم في إمضاء الأحكام وقتل جاسوس وأسير كافرين أو باغيين قتلا أو بسببهما والحرب قائمة وإلا حبس الباغي وقيد وأن يعاقب بأخذ المال وإفساده وعليه القيام بما إليه أمره وتسهيل الحجاب إلا في وقت أهله وخاصة أمره وتقريب أهل الفضل وتعظيمهم واستشارتهم وتهد الضعفاء والمصالح ولا يتنحى ما وجد ناصرا إلا لأنهض منه وأن يؤمر على السرية أميرا صالحا لها ولو فاسقا وتقديم دعاء الكفار إلى الإسلام غالبا والبغاة إلى الطاعة وندب أن يكرره عليهم ثلاثا وتنشر فيها الصحف وترتب الصفوف] .
قوله: "فصل: وإليه وحده إقامة الحدود".
أقول: لا شك أنه الأولى بذلك من غيره لعموم ولايته ولما كان عليه الأمر في أيام النبوة وأيام الخلفاء الراشدين وأما كونها إليه وحده لا يجوز لغيره إقامتها فغير مسلم وقد قدمنا في الحدود ما فيه كفاية وكذلك قدمنا في القضاء ما يغني عن الإعادة هنا.
وأما تنفيذ الأحكام فإن كان القاضي قادرا على إنفاذ ما حكم به فذلك إليه وإلا كان على الإمام بل وعلى كل قادر تنفيذ ما حكم به إذا كان جاريا على الحق موافقا للصواب لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهكذا إلزام من عليه حق الخروج منه هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإمام أولى الناس بذلك ولكنه إذا تقاعد لم يسقط الوجوب على غيره من أهل القدرة على الإلزام.
قوله: "والحمل على الواجب".
أقول: أدلة الكتاب والسنة الكثيرة المتواترة قد دلت على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل مسلم وهذا هو أعظم أعمدة الدين وأقوى أساساته وأرفع مقاماته ولا شك أن الحمل على فعل الواجب يدخل تحت أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا قام بذلك الإمام فهو رأس الأمة وصاحب الولاية العامة وكان قيامه مسقطا للوجوب على غيره وإن لم يقم فالخطاب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باق على كل مكلف يقدر على ذلك والعلماء والرؤساء لهم مزيد خصوصيته في هذا لأنهم رءوس الناس والمميزون بينهم بعلو القدر ورفعة الشأن وقد جاء الجلال في شرحه لهذا الكتاب في هذا الموضع بما هو سراب بقيعة وتعرض للكلام على ما كان له عنه مندوحة فإنه وقع في خلاف إجماع المسلمين وضرورة الدين.
وأما قوله: "ونصب ولاة المصالح والأيتام" فمثل هذا يكون إلى الحاكم كما يكون إلى الإمام بل يكون إلى كل صالح له من المسلمين ولم يرد ما يوجب اختصاصه بالإمام لا من دراية ولا رواية.