عن سيدنا إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} 1، وذلك ليس بدعا، فإن القرآن يمتدح المؤمنين الأُوَل؛ لأنهم تركوا أنانية الذات إلى حب الجميع؛ حيث كانوا لا يدعون للأحياء وحدهم؛ بل يقولون: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} 2، ولم يكن بالقول فقط وإنما بالعمل كان إيثارهم كما يفيده قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 3، فترى الأنصاري ساكن المدينة يحب المهاجر إليه من مكة، بكل صفاء، ويؤثره على نفسه خاصة، وسبب ذلك أن وجداناتهم قد آمنت بهذه المشاركة عن اقتناع، فتمكنوا بعد ذلك من تأسيس مجتمعهم على الحب والخير والمشاركة، وكل ما حرصوا عليه هو أن ينمحي الغل من قلوبهم، وأن يوقفوا شح النفس ليصلوا إلى الفلاح، وذلك درس للداعية.

إن الداعية ملتزم بأن يحسن صلته مع الجميع تنفيذا لأمر الله القائل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} 4.. يبين الزمخشري في تفسيره هذه الطوائف فيذكر أن ذا القربى كل ما بينك وبينه قربى من أخ أو عم أو غيرهما، والجار ذي القربى هو من قرب جواره، والجار الجنب من بعد جواره، وهو أجنبي، والصاحب بالجنب الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015