والضرب في الأرض، وهكذا، يؤديها الداعية بهذا الفهم وبتلك النية ويسلمها لله رب العالمين.

وعبادة الداعية كما هو المطلوب استغراق كامل في عالم الروح؛ لأنها عنده لذاتها فتربطه تلقائيا بالله، وتبرزه كحقيقته خاضعا لربه، محبا هائما في تعلقه به؛ لأنه بإيمانه أشد حبا لله؛ لأنهم كما عرفهم ربهم بقوله: {أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} 1، والدعاة عباد الله بحق {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه} لأن الله يحب المتقين، والمحسنين الصابرين.

ومع هذه العاطفة الصادقة من الداعية لا يملك أمام أمر الله إلا السمع والطاعة، ويبحث عن المعروف ليفعله، ويأمر به، وعن المنكر ليجتنبه، وينهى عنه، وبسبب استغراق الداعية في ذكر ربه الحبيب إليه كانت العبادة أعظم علاج لراحة نفسه، ونسيان آلامها، كما أنها أعظم وسائل الشكر تحقق الهدوء التام، ألا تراها كانت علاجا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أن أكثر القوم من أكاذيبهم ومفترياتهم حتى ضاق صدره بما يقال، فوجهه الله إليها علاجا له فقال: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} 2، ووجهه إليها كذلك إذا أحس بالنصر والفوز شكرا ورضًا، فقال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} 3.

والعبادة بدورها لا تجد عسرا في القيام بمهمتها في الشدة أو الرخاء؛ لأنها تعايش إنسانا منفعلا بها، ومسلما بأنه مخلوق يتصرف كإرادة الخالق ويؤمن أنه {مَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015