يقترفون التحريق، والقتل، وقطع الأيدي، وسمل العيون، وجدع الأنوف، بكل سهولة ولأتفه الأسباب1.

وقد شاعت في أبناء القسطنطينية على الأخص صفات الجبن والفسق والخيانة، يقول بعض المؤرخين: إنها لقصة مزعجة من مكايد القسس، والخصيان، والنساء، من دس السم، والمؤامرات، ونكران الجميل، وقتل الإخوة بشكل مستمر2، ورغم أن تولية الإمبراطور كانت تتم وفق انتخاب يقوم على نظام معين، لكن النظرة المقدسة إليه من الناس جعلته أكثر رسوخا، فهو صفي الإله وخليله، وإذن فالمرشح الناجح هو بالضرورة من اختارته مشيئة الله، بغض النظر عن الطريقة التي اكتسب بها هذا النصر.

إن نجاح الإمبراطور يلزم الناس دينيا بطاعته، وعلى ذلك فالإمبراطور رجل دين، وملكيته أوتوقراطية3، وقد شهد القرنان الخامس والسادس الميلادي تحول الإمبراطور من رجل مدني إلى رجل يعتمد على الدين، في تأييد نفوذه، ويمثل هذا الاتجاه بوضوح الإمبراطور "جستنيان" سنة 518م إلى سنة 565م.

ومع كل هذا الفساد الإمبراطوري فقد تم إلغاء الانتخاب، صار الإمبراطور يعين من يخلفه في حياته، ويدعي أنه اختيار الله.

ويكفي تصويرا للقسوة التي عامل الأباطرة شعوبهم بها أن نعرف أن الإمبراطور "جستنيان" لما قامت ثورة الزرق "أنصار جستنيوس الأرثوذكسي" والخضر "أتباع انستاسيوس اليعقوبي" وطلبوا إقصاء وزير المالية أخمدها بالقوة، وقتل من الثوار خمسة وثلاثين ألفا في ستة أيام، وذلك في يناير سنة 532م4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015