والفوز، الفلاح.
إن عرض السيرة بصورة حركية ومنهجية فنية ضرورة ليعيش الناس السيرة، ويجيوا بها، ويعيدوا الإسلام للحياة كما حققه النبي صلى الله عليه وسلم للناس.
وزاد اقتناعي بهذا التصور بعد أن اطلعت على مناهج أقسام وكليات الدعوة في الجامعات التي قمت بالتدريس فيها1، ورأيت أنها تهتم بدراسة تاريخ الدعوة، وتخص عصر النبوة بالدراسة الموسعة، وشرفني الله تعالى فقمت بتدريس مقررات تاريخ الدعوة، لسنوات عديدة في جامعات مختلفة، الأمر الذي أحيا الأمل القديم مرة أخرى في أن أكتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الزاوية المنهجية، وبذلك أكتب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأؤرخ للدعوة في عصره صلى الله عليه وسلم، وأقدم للدعوة والدعاة الفوائد والعبر المأخوذة من السيرة النبوية، وتاريخ عصر النبوة، وأوضح منهج التقدم للمجتمع كله.
إن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم غنية بالأحداث، مليئة بالوقائع، متنوعة في العطاء رائدة في التربية والتوجيه، وعلى دارسها أن يوسع اهتمامه ليشمل جوانبها جميعا: من شخصية، وسياسية، ودعوية، واجتماعية ... إلخ.
وسأحاول بإذن الله تعالى أن أكتب في الجوانب كلها؛ إيفاء لحق السيرة النبوية، وإبرازا للدعوة في إطار السيرة الكاملة..
وسوف أعمل على إيراد الحقائق المدعمة بالدليل، الخالية من المبالغة أو التهويل.. ولن أقف موقف الدفاع أمام أكاذيب أعداء الإسلام، وسأترك الحقيقة التاريخية تعلو بصدقها وأحقيتها، فليس أقوى من الحق نصرا للحقيقة في مجال المنازعة العلمية، وفي كل مجال.
ولن أجري وراء المبالغة والتهويل في ذكر الحوادث والوقائع، حتى لا أتعارض مع مسلمات العقل، وأكون كالدبة التي قتلت صاحبها وهي تحبه.