مولده إلى لقائه ربه، ونالت مقررات السيرة اهتمامي؛ إذ كنت أحفظها مع بداية الدراسة، وأذكر أن بعض زملائي كان يشيد بذلك عند الأساتذة.

ولما بدأت في دراسة المرحلة الثانوية القديمة، لاحظت أننا في الدراسة كلها نعيش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالتفسير بيان لوحي الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

والحديث شرح لأقوال رسول الله وأفعاله صلى الله عليه وسلم.

والفقه أحكام مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعلوم اللغة تدور كلها حول القرآن؛ لمعرفة معانيه، وبيان إعجازه، وإظهار سمو الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأذكر أن مدرس الخط كان يورد الآيات والأحاديث، ويكلفنا بكتابتها -رحمه الله- ويشرح لنا معناها، وما يستفاد بها؛ وبذلك عملت المقررات كلها في بناء الصورة الإسلامية، وكان الأساتذة خير مَن يتفاعلون مع أهداف هذه المناهج، وتحويلها إلى عنصر يتفاعل معه الطالب الأزهري في النظام القديم.

ومن هنا لم تعد السيرة مجرد تاريخ، وإنما صارت الدين كله، مما رغبني في أن أكتب فيها منذ صغري، وأذكر هنا أني كتبت عن محمد اليتيم، وعن غزوة أحد، وغزوة الحديبية.. وغير ذلك وأنا في المرحلة الثانوية.

وكلما تقدم بي السن كبر معي الأمل، وأخذت أتصور نفسي أمام مؤلَّف ضخم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتناول فيه كافة جوانب شخصيته صلى الله عليه وسلم.. فأخذت أقرأ، وأطلع..

ومع القراءة، وعمق النظرة، وتكشف الحقيقة، أخذت أستشعر ضآلة همتي أمام هامة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبان لي أني كنت في أمنية حالمة، صعبة المنال، لكني لم أفقد الرغبة، ولم يملكني اليأس والقنوط، عشت مع أمنيتي راجيا مؤملا في توفيق الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015