ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدًا، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبي تنازع.

فقال عمر: إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب كتابًا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول: غير ذلك.

فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال صلى الله عليه وسلم: "قوموا عني". فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب ذلك الكتاب وذلك لاختلافهم ولغطهم1.

ويجب أن يكون واضحًا أن ما أراد رسول الله كتابه كان أمرًا عاديًا لأنه لو كان من واجبات الشريعة لكتبه صلى الله عليه وسلم بلا تأثر بكلام عمر أو بكلام غيره لسابق حسمه في أمور الدين، وأيضا فقد سبق ذلك إعلان تمام الدين وكماله.

وحكمة الله في عدم كتابة أمر في هذا الوقت واضحة منعًا لمن يقول: إن المريض قد يختلف عليه عقله إذا اشتد مرضه.

فإذا ما تصورنا أنه صلى الله عليه وسلم كان يريد أن يعهد لأبي بكر رضي الله عنه في الكتاب الذي كان يريده كما رجح البعض فإنه دليل على ثانوية الأمر، وحتى يبقى هذا الشأن شورى بين المسلمين لم يغيره صلى الله عليه وسلم كلام عمر ولا غيره.

وكان صلى الله عليه وسلم قد قال لعائشة في مرضه هذا: "لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك فأكتب كتابًا وأعهد عهدًا لئلا يتمنى متمن أو يقول قائل: أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر". فلم يكن والله أعلم الكتاب الذي أراد أن يكتب إلا في استخلاف أبي بكر.

وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفس على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي مات فيه طفقت أنفس عنه بالمعوذات التي كان ينفس، وأمسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم عنه لبركتها.

ولما كان يوم الاثنين والناس في صلاة الفجر وأبو بكر يصلي لهم لم يفاجئهم إلا رسول الله يكشف ستر حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم صفوف في الصلاة، ثم تبسم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015