"أيها الناس إنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهرًا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضًا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه ولا يخشى الشحناء من قبلي فإنها ليست من شأني، ألا وإن أحبكم إليّ مني حقًا إن كان له أو حللني فلقيت ربي وأنا طيب النفس". ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع إلى المنبر فعاد لمقالته الأولى، فادعى عليه رجل بثلاثة دراهم، فأعطاه عوضها، ثم قال: "أيها الناس من كان عنده شيء فليؤده ولا يقل فضوح الدنيا، ألا وإن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة". ثم صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم، ثم قال: "إن عبدًا خيره الله بين الدنيا وبين ما عندنا فاختار ما عنده"1.

وفي يوم الأربعاء قبل وفاته بخمسة أيام قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس".

فقالت عائشة يا رسول الله: إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل بالناس، ففعلت حفصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مه إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس" 2.

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج بين العباس وعلي لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تتأخر وقال لهما: "أجلساني إلى جنبه". فأجلساه إلى جنب أبي بكر الأيسر، فكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر3.

وعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما أنه لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم المرض طفق يطرح خميصة على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال صلى الله عليه وسلم وهو كذلك: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". يحذر ما صنعوا.

وقال صلى الله عليه وسلم: "قاتل الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". يحرم ذلك على أمته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015