يحدث أن أحدا أحب أحدا مثلما أحب الصحابة محمدا صلّى الله عليه وسلم (?) . وهكذا الأجيال التالية حتى يوم الدين، ونحن منهم إن شاء الله رب العالمين.
بل إن آخرين وإن لم يسلموا أعظموه وتمنوا أن يخدموه، ومنهم من أسلم حين سمع أخباره. وكثير من الأحبار والرهبان وحتى من ملوكهم، من عملوا ذلك. كما فعل هرقل (قيصر الروم) ، الذي وجه إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلم كتابه، بعد صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة يدعوهم للإسلام.
فلقد روي عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما- أنه أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كتب إلى هرقل (قيصر الروم) يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه إليه مع دحية الكلبي (نحو 45 هـ) فقرئ الكتاب لهرقل، وفيه: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم الأريسيين. و: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران: 64] (?) » .
وقد سأل هرقل عن صفات الرسول الكريم الحبيب صلّى الله عليه وسلّم وأمور دعوته، فعلم أنه النبي الحق وقال: «وهذه صفة النبي، وقد كنت أعلم أنه خارج ... فيوشك أن يملك موضع قدمي هذين، ولو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت (عن) قدميه» (?) .