إنّ هذه الخطوات كافة منحت الندويّ، كما منحت قلّة محدودة من الباحثين المعاصرين، السلاح الذي مكّنهم من دخول الساحة، والقدرة على التعامل مع السيرة بأكبر قدر ممكن من النفاذ والصدق.
ثانيا: لم يقدم الندوي مباشرة على الكتابة في السّيرة، كمشروع شامل، قبل أن يمارس البحث في جوانب منها، كانت أشبه بخطوات على الطريق..
بتمرينات أولية، إذا صحّ التعبير، تمهيدا للعرض الجامع الأخير (?) وكان فضلا عن هذا يمارس التعامل مع السيرة باتجاه مواز آخر: الاستمداد من مادتها الخصبة وتعاليمها الغنية في الكثير من كتاباته ومحاضراته.
ثالثا: بمرور الوقت يتبلور لديه إحساس متزايد بضرورة كتابة مولّف شامل عن السيرة، وكانت تغريه بذلك، فضلا عن المؤثّرات الذاتية والثقافية والمنهجية آنفة الذكر، خصائص ومواصفات كان يرى، محقّا، أنّ أيّ دراسة في السيرة لا تستكمل أسبابها بدون حضورها جميعا، فكيف إن غاب عامل أو أكثر عن رؤية الباحثين؟ كما حدث ويحدث لدى العديد من الذين تناولوا الموضوع من المستشرقين، والمنتمين لعالم الإسلام نفسه؟ كيف إن غاب معظمها أحيانا؟ ألا يتحتّم في مقابل هذا أن تتعزّز المحاولات المنهجية التي تسعى جهدها لاستكمال الأسباب، وأن تزيد وتتكاثر، على الأقلّ لمجابهة هذا السّيل من الأعمال الناقصة وموازنتها؟
إذا «فالسّيرة» التي ينادي الندويّ بها، ويسعى إلى تنفيذها في مؤلّفه