ودلالاتها، مهندسة وفق منهج الندوي وأسلوبه، لكي يتبيّن أنّ هذا من بين عوامل عديدة متشابكة كالتي سنؤشّر عليها، ما يجعل الكتاب إضافة جادّة وليس تقليدا أو تكرارا.

ومهما يكن من أمر فإنّنا لو قمنا بإعادة ترتيب العناصر الأساسية للمقدّمة، في سياقات رئيسية من أجل وضع اليد على قيمة الكتاب؛ فإنّنا سنجد محاولة (الندوي) هذه تقوم على المحاور التالية:

أولا: بيئة ثقافية ذات توجّه إسلاميّ، ينشأ فيها المؤلّف، فيجد نفسه، منذ تفتّح وعيه على الحياة، قبالة رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة ومعايشة وتعلّما..

وبمرور الوقت فإنه يسعى لتنمية خبراته عن السّيرة بمزيد من القراءة والدراسة في المصادر (القديمة) والمراجع (الحديثة) بالعربية وغيرها من اللغات، هذه المتابعة الفكرية التي لم تنفصل يوما عن بطانتها الوجدانية، بسبب من عقيدة الرجل وانتمائه البيئيّ، وبالتالي فإنّها بصيغتها الشمولية هذه والقائمة على ما يسمّى في العصر الحديث ب (المعايشة التاريخية) ، كانت أقدر على تحقيق المقاربة بين الندوي وبين عالم السيرة الخصب المؤثّر، المتجذّر في الغيب، والذي لن يقدر باحث من الخارج، أو من البعيد، على فهمه وإدراكه.

ويجب أن نشير هاهنا أنّ الندوي من أجل استكمال أبعاد تجربة المعايشة هذه، ذهب أكثر من مرّة إلى أرض النّبوّة واجتازها شبرا شبرا، وكان- وهو يعاين المعالم والمواقع ويدقّقها- يعيش في الوقت ذاته، المناخ الذي تخلّقت فيه مفردات السيرة، ونسجت خيوطها، ويكفي أن نرجع إلى كتاب (الطريق إلى المدينة) (?) لكي نتلمّس طبيعة المعاناة الوجدانية التي حملها الرجل بين جنبيه وهو يتقلّب هناك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015