ذلك حفظ للصلة الدقيقة الحساسة التي تربط الأمّة بنبيّها صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى:

وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً [الأحزاب: 53] .

قال ابن كثير في تفسير الآية:

«أجمع العلماء قاطبة على أنّ من توفّي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه أنّه يحرم على غيره تزوّجها من بعده، لأنهنّ أزواجه في الدنيا والآخرة وأمهات المؤمنين» (?) .

وقفة قصيرة عند تعدّد الزوجات:

قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم شطرا من عمره في العزوبة، مدّة خمسة وعشرين عاما، وهي فترة الشباب التي استوفت أفضل شروطه وصفاته، وكان مثلا للفتوّة الإنسانيّة العربيّة السليمة، والصحّة التي كان فيها نصيب للنشأة في البادية، والبعد عن أدواء المدنية، والتحلّي بأفضل صفات الفروسيّة والرّجولة، ولم يجد أشدّ أعدائه له مغمزا في هذه الفترة الحاسمة الدقيقة في حياته قبل النبوّة وبعد النبوّة إلى هذا اليوم، فكان مثالا للطّهر والعفاف والنزاهة والبراءة والعزوف عن كلّ ما لا يليق به.

فلمّا بلغ خمسا وعشرين سنة تزوّج خديجة بنت خويلد، وهي أيّم، قد بلغت من عمرها أربعين سنة، وقد تزوّجت قبله برجلين، ولها أولاد، وبينه وبينها من التفاوت في السنّ 15 سنة على القول المشهور، ثمّ تزوّج بعدها وقد جاوز الخمسين- سودة بنت زمعة، وقد توفي زوجها في الحبشة مسلما مهاجرا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015