وكان ذلك الفراق يوم الإثنين 12 ربيع الأول، سنة 11 للهجرة بعد الزوال (?) ، وله صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون (?) ، وكان أشدّ الأيام سوادا ووحشة ومصابا على المسلمين، ومحنة للإنسانيّة، كما كان يوم ولادته أسعد يوم طلعت فيه الشمس.
يقول أنس وأبو سعيد الخدريّ- رضي الله عنهما-: كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كلّ شيء، فلمّا كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كلّ شيء.
وبكت أمّ أيمن، فقيل لها: ما يبكيك على النّبيّ صلى الله عليه وسلم؟ قالت: إنّي قد علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سيموت، ولكن إنّما أبكي على الوحي الذي رفع عنّا (?) .
ونزلت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة كالصّاعقة، لشدة حبّهم له، وما تعوّدوه من العيش في كنفه، عيش الأبناء في حجر الآباء، بل أكثر من ذلك، قد قال الله تعالى:
لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [التوبة: 128] .
وقد كان كلّ واحد منهم يحسب أنّه أكرم عليه وأحبّ لديه من صاحبه،