كما كانت اللّات لأهل الطائف، و «العزّى» لأهل مكّة، وكان أهل هذه المدن أكثر تعصّبا وحميّة لها من غيرها، وكان من اتّخذ في داره صنما من أهل المدينة من خشب أو غيره يسمّيه «مناة» أيضا، كما فعل ذلك عمرو بن الجموح سيّد من سادات بني سلمة قبل أن يسلم (?) .

وقد جاء في حديث رواه الإمام أحمد عن عروة عن عائشة في تفسير قوله تعالى: * إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما [البقرة: 158] . قالت: إنّ الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلّون «لمناة» الطاغية، التي كانوا يعبدونها عند المشلل، وكان من أهلّ لها يتحرّج أن يطوف بالصّفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا:

يا رسول الله إنّا كنّا نتحرّج أن نطوف بالصّفا والمروة في الجاهليّة، فأنزل الله عزّ وجلّ: * إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ (?) [البقرة: 158] .

ولم نطّلع على صنم لهم خاصّ في المدينة اشتهر كاللّات ومناة، والعزّى، أو كهبل، يعكفون على عبادته، ويشدّ إليه الرّحال من خارج المدينة، ويبدو أنّ الأصنام لم تنتشر في المدينة انتشارها في مكّة، فقد كان لكلّ بيت في مكة صنم خاصّ، وكانت الأصنام يطاف بها وتباع، فكانوا في الوثنيّة عيالا على أهل مكة وأتباعا لهم.

وكان لأهل (المدينة) يومان يلعبون فيهما، فلمّا قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015