في الحقيقة مجموعة من القرى تقاربت وتجمّعت، فتكوّنت منها المدينة، وإلى ذلك أشار القرآن بقوله:

ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى [الحشر: 7] . وبقوله:

لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ (?) [الحشر: 14] .

و (حرّة واقم) التي تحدّ المدينة من الشّرق، كانت حرة أكثر عمرانا من الوبرة، وحين هاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، كانت حرة واقم مسكونة بأهمّ قبائل اليهود من بني النّضير وقريظة، وعدد من عشائر اليهود الآخرى، كما كانت تسكنها أهمّ البطون الأوسيّة بنو عبد الأشهل، وبنو ظفر، وبنو حارثة، وبنو معاوية، وفي منازل بني الأشهل كان يقوم حصنهم واقم، الذي سمّيت الحرة باسمه (?) .

الحالة الدينيّة والمكانة الاجتماعيّة:

كان العرب تابعين لقريش وأهل مكة في العقيدة والديانة، ينظرون إلى قريش كسدنة للبيت، وقادة في الدين، وقدوة في الاعتقاد والعبادة، خاضعين للوثنيّة السائدة على جزيرة العرب، يعبدون من الأصنام ما تعبدها قريش وأهل الحجاز، إلّا أنّ علاقتهم ببعض الأصنام كانت أقوى من علاقتهم ببعضها.

فكانت «مناة» لأهل المدينة، وكانت أقدم الأصنام، وكان الأوس والخزرج أشدّ إعظاما لها من غيرهم، وكانوا يهلّون لها شركا بالله تعالى، وكانت حذو «قديد» الجبل الذي بين مكة والمدينة من ناحية الساحل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015