المصاهرة والزواج، أو بحكم النشأة في البيئة اليهودية، وقد كان في يهود العرب جميع هذه الأنواع، وقد ثبت أنّ التاجر اليهوديّ الكبير والشاعر المشهور كعب بن الأشرف الذي يعرف بالنّضريّ كان من قبيلة «طيىء» تزوّج أبوه في «بني النضير» ، فنشأ كعب بن الأشرف يهوديا متحمّسا. قال ابن هشام: «وكان رجلا من طيىء، ثم أحد بني نبهان، وكانت أمّه من بني النّضير» (?) .
وكان بعض من لا يعيش له ولد من العرب ينذر، إذا ولد له ابن وعاش هوّدوه، وكان في المدينة عدد من العرب الذين دخلوا في اليهوديّة عن هذا الطريق.
روى الإمام أبو داود السّجستاني بسنده عن ابن عباس قال: «كانت المرأة تكون مقلاتا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد، أن تهوّده، فلمّا أجليت بنو النّضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله تعالى: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [البقرة: 256] . قال أبو داود: المقلات: التي لا يعيش لها ولد» (?) .
تنتمي بطون الأوس والخزرج- سكّان المدينة العرب- إلى القبائل الأزدية اليمنيّة، وكانت موجات هذه الهجرة من اليمن إلى يثرب متفرّقة في أوقات مختلفة، وكانت لعوامل متعدّدة، منها اضطراب أحوال اليمن وغزو الأحباش، وإهمال أمر الإرواء، بخراب سدّ «مأرب» .