العرب، حتى تبلغ منزلة أرقى مما كانت عليه لو توافرت عند اليهود النية على نشر الدعوة الدينية بطريقة مباشرة، ولكنّ الذي يعلم تاريخ اليهود يشهد بأنّ الأمة الإسرائيلية لم تمل بوجه عام إلى إرغام الأمم على اعتناق دينها، وأنّ نشر الدعوة الدينيّة من بعض الوجوه محظور على اليهود» (?) .

عجز اليهود كعادتهم أن يكيّفوا أنفسهم ومجتمعهم بالحقائق والواقع والتطوّرات الحديثة، ويفهموا التحدّي الحديث وينتفعوا بالفرصة المتاحة ويدينوا بالإسلام، فيأخذوا مكانهم اللّائق بثقافتهم وعقليتهم وتجاربهم والقوى المودعة فيهم، وذلك مصير كلّ مجتمع يعيش على التاريخ، والإدلال بالنسب والتمنّيات والأحلام المعسولة، ورواسب الماضي والقيادات المفلسة المنهارة.

إنّ اليهود لم يستطيعوا أن يبرزوا وجودهم، ويثبتوا صلاحيتهم وتفوّقهم كأمّة ذات رسالة وكتاب سماويّ، وكورثة الأنبياء السابقين وذرّيتهم، فلم يزعجهم ولم يحرّك ساكنهم ما كان عليه العرب من وثنيّة سخيفة وجاهلية منحطة، ولم يدعوا- على الأقلّ- إلى عقيدة التوحيد التي تميّزوا بها عبر العصور والأجيال، ورغم الانحطاط الخلقيّ ومواضع الضعف فيهم، ولعلّ السبب الرئيسيّ هو عدم ارتياحهم إلى دعوة غير الإسرائيليين إلى دين الأنبياء، بل امتناعهم عن ذلك عبر التاريخ- كما يقول (إسرائيل ولفنسون) وكما قالت السيدة مريم جميلة اليهودية الأمريكية سابقا، والمهتدية إلى الإسلام: ثمّ الإخلاد إلى الراحة والانغماس في الكسب والمعيشة، كما هي طبيعة اليهود.

ولكن ممّا لا شكّ فيه أنّ عددا من العرب المنتمين إلى الأوس والخزرج وغيرهما من القبائل العربية الأصيلة، دانوا باليهودية عن رغبة منهم، أو بتأثير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015