واجتمع رأيهم أخيرا على أن يؤخذ من كلّ قبيلة فتى شابّ صاحب جلادة ونسب، فيها جموا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويضربوه ضربة رجل واحد، وبذلك يتفرّق دمه في القبائل جميعا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا، وتفرق القوم على ذلك، وهم مجمعون له.
وأخبر الله رسوله بهذه المؤامرة، فأمر عليّ بن أبي طالب أن ينام على فراشه، متسجّيا ببردته، وقال: لن يخلص إليك شيء تكرهه.
واجتمع القوم على بابه، وهم متهيّئون للوثوب، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ حفنة من تراب في يده، وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم، وهو يتلو آيات من سورة يس من أوّلها إلى قوله تعالى: فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [يس: 9] .
وأتاهم آت، فقال: ما تنتظرون هاهنا؟
قالوا: محمدا.
قال: خيّبكم الله، قد والله خرج وانطلق لحاجته.
وتطلّعوا، فرأوا عليّا نائما على الفراش، فلم يشكّوا في أنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا أصبحوا قام عليّ- رضي الله عنه- عن الفراش، فخجلوا، وانقلبوا خائبين (?) .