ولمّا أراد صهيب الهجرة، قال له كفّار قريش: أتيتنا صعلوكا حقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذي بلغت، ثمّ تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟
والله لا يكون ذلك!
فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي، أتخلّون سبيلي؟.
قالوا: نعم.
قال: إنّي قد جعلت لكم مالي.
وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ربح صهيب، ربح صهيب» (?) .
وهاجر عمر بن الخطاب، وطلحة، وحمزة، وزيد بن حارثة، وعبد الرحمن بن عوف، والزّبير بن العوّام، وأبو حذيفة، وعثمان بن عفان، وآخرون- رضي الله عنهم أجمعين- وتتابعت الهجرة ولم يتخلّف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة غير من حبس وفتن، إلا عليّ بن أبي طالب، وأبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهما- (?) .
ولمّا رأت قريش أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار له أصحاب وأنصار في المدينة ولا سلطان لهم عليها، تخوّفوا من خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وعرفوا أنّه إذا كان ذلك، فلا حيلة لهم فيه، ولا سبيل لهم عليه، فاجتمعوا في «دار النّدوة» وهي دار قصيّ بن كلاب، وكانت قريش لا تقضي أمرا إلّا فيها، يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتمع فيها أشراف قريش.