حتّى إذا كان العام المقبل، وافى الموسم من الأنصار، اثنا عشر رجلا (عشرة من الخزرج واثنان من الأوس) ، فلقوه بالعقبة الأولى، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على التوحيد، والتعفّف من السّرقة والزّنى وقتل الأولاد والطاعة في المعروف (?) .
فلمّا همّ القوم بالانصراف بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير، وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلّمهم الإسلام، ويفقّههم في الدين، فكان يسمّى «المقرىء» بالمدينة ونزل على أسعد بن زرارة، وكان يصلّي بهم (?) .
وكان من صنع الله تعالى لرسوله وللإسلام، أن هيأ الله الأوس والخزرج (?) - وهما قبيلتان عربيّتان عظيمتان في مدينة يثرب- لتقدرا هذه النعمة التي لا نعمة أعظم منها، وتسبقا أهل عصرهما، وأبناء الجزيرة، إلى الترحيب بالإسلام والدخول فيه، حين تنكّرت له قبائل العرب وفي مقدّمتها وعلى رأسها قريش وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة: 213] .
وقد ساعدت على ذلك عدّة عوامل، هي من خلق الله تعالى وتيسيره