وخلود إمامته وإنسانيّة تعاليمه، وصلاحيتها لاختلاف المكان والزمان، وأفادت هذه السورة الكريمة تعيين شخصية النبيّ صلى الله عليه وسلم ووصف إمامته وقيادته وتحديد مكانة الأمة التي بعث فيها وآمنت به، وبيان رسالتها ودورها الذي ستمثله في العالم، ومن بين الشّعوب والأمم.
وجاء الإسراء خطا فاصلا بين الناحية الضيّقة المحليّة المؤقّتة وبين الشخصيّة النبويّة الخالدة العالميّة، فإن كان الرسول- عليه الصلاة والسلام- زعيم أمة، أو قائد إقليم، أو منقذ عنصر، أو مؤسّس مجد، لم يكن في حاجة إلى الإسراء والمعراج، ولم يكن في حاجة إلى سياحة في عالم الملكوت، ولم يكن في حاجة إلى أن تتصل بسببه الأرض والسماء اتصالا جديدا، لقد كان له في أرضه التي يعيش فيها وفي محيطه الذي يكافح فيه، وفي مجتمعه الذي يسعى لإسعاده، غنى وسعة، لا يفكر في غيره، ولا يتجاوز إلى رقعة أخرى من الأرض فضلا عن السموات العلا، وسدرة المنتهى، وفضلا عن المسجد الأقصى الذي يبعد عن بلده بعدا كبيرا، والذي كان في ولاية الديانة المسيحيّة وحكومة الأمة الرومية القوية.
وجاء الإسراء، وأعلن أن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس من طراز القادة والزعماء الذين لا تتجاوز مواهبهم، وجهودهم، ودوائر كفاحهم حدود الشعوب والبلاد، ولا تسعد بهم إلا الشعوب التي يولدون فيها، والبيئات التي ينبعون منها، إنّما هو من جماعة الأنبياء والرّسل الذين يحملون رسالات السماء إلى الأرض، ويحملون رسالات الخالق إلى الخلق، وتسعد بهم الإنسانيّة على اختلاف شعوبها وطبقاتها وعهودها وأجيالها.
وفرض الله عليه وعلى أمّته خمسين صلاة في كلّ يوم، وما زال رسول الله