لرجل لبيب شاعر، ما يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان الذي يأتي به حسنا، قبلته، وإن كان قبيحا تركته.
ودخل الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وحكى له القصّة، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام، وتلا عليه القرآن، فأسلم، ورجع إلى قومه داعيا إلى الإسلام، وأبى أن يساكن أهله حتى يسلموا، فدخلوا في الإسلام جميعا، ودعا دوسا إلى الإسلام، وفشا الإسلام فيهم (?) .
وكان أبو بكر- رضي الله عنه- يعبد ربّه في داره، ولا يستعلن بصلاته، ثمّ بدا له فابتنى مسجدا بفناء داره، وكان يصلّي فيه ويقرأ القرآن، فيتقذف (?) عليه نساء المشركين وأبناؤهم، وهم يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاء، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن.
وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدّغنة الذي أجاره، فقدم عليهم، فقالوا: إنّا كنّا أجرنا أبا بكر بجوارك، على أن يعبد ربّه في داره، فقد جاوز ذلك، فابتنى مسجدا بفناء داره، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وإنّا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، فانهه فإن أحبّ أن يقتصر على أن يعبد ربّه في داره، فعل، وإن أبى إلّا أن يعلن بذلك، فسله أن يردّ إليك ذمّتك، فإنا كرهنا أن نخفرك (?) ، ولسنا مقرّين لأبي بكر الاستعلان.
فلمّا أخبره ابن الدّغنة بما قالت قريش، قال أبو بكر: فإنّي أردّ إليك جوارك وأرضى بجوار الله (?) .