البشريّ كما لو كان في حالة سكون مطلق بعيدا عن تأثيرات الروح وتعقيدات الحياة.
إنّ الدين، والغيب، والروح، لهي عصب السيرة وسداها ولحمتها، وليس بمقدور الحس أو العقل أن يدلي بكلمته فيها إلّا بمقدار، وتبقى المساحات الأكثر عمقا وامتدادا بعيدة عن حدود عمل الحواس وتحليلات العقل والمنطق، إننا- ونحن نتعامل مع هذا المستشرق أو ذاك في حقل السيرة النبوية- يجب أن ننتبه إلى هذه المسألة مهما كان المستشرق ملتزما بقواعد البحث التاريخي وأصوله، فإنّه من خلال رؤيته الخارجية، وتغرّبه، وعلمانيّته أو ماديته، يمارس نوعا من التكسير والتجريح في كيان السيرة ونسيجها، فيصدم الحس الديني ويرتطم بالبداهات الثابتة، وهو من خلال منظوريه العقلي والوضعي يسعى إلى فصل الروح عن جسد السيرة، على الجدل، وهو في كلتا الحالتين لا يمكن أن يخدم الموقف الإسلامي الجاد من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يحتل موقفا جادّا منها بوجه من الوجوه» (?) .
فلم يكن الندويّ مبالغا إذا باعتباره هؤلاء الباحثين «من المشكّكين» الذين يتحتّم أن نحذرهم، ونحن نسعى للإفادة من أعمالهم واستنتاجاتهم في هذا الموضوع أو ذاك من مواضيع السيرة، ونحاول- بدلا من ذلك- أن ننطلق من منهج إسلامي أصيل يضع النبوّة والغيب موضعهما الحق.