التاريخ، أو يدفعه إلى الظل، الأمر الذي يلحق بالسيرة أذى كبيرا.

أمّا الموقف (الإسلامي) الأصيل من السيرة، «الموقف المتوحّد الذي تتغلغل في نسيجه مشاعر الاحترام والتقدير والإعجاب والمحبة واليقين، والذي يجد في السيرة تعبيرا متكاملا عن العقيدة التي ينتمي إليها، فإنه يجد في الدراسات الاستشراقية (الخارجية) عن السيرة، تغرّبا عن مسلّماته، وخروجا صريحا على بداهاته، وما يمكن اعتباره محاولات متعمّدة لإصابة هذه المسلّمات والبداهات بالجروح والكسور، وهي- لحسن الحظّ- لن تفعل فعلها في يقينه، إلّا في حالات معيّنة، بينما نجدها تدفعه في أغلب الحالات وأعمها إلى الاشمئزاز والنفور.

هذا مع أنّ معالجة واقعة تمتدّ جذورها إلى عالم الغيب، وترتبط أسبابها بالسماء، ويكون فيها (الوحي) همزة وصل مباشرة بين الله سبحانه ورسوله الكريم، ويتربّى في ظلالها المنتمون على عين الله ورسوله ليكونوا تعبيرا حيّا عن إيمانهم، وقدوة حسنة للقادمين من بعدهم.. واقعة كهذه لا يمكن بحال أن تعامل كما تعامل الجزئيات والذرات والعناصر في مختبر للكيمياء، أو كما تعامل الخطوط والزوايا والمنحنيات والمساحات والكتل على تصاميم المهندسين، بل ولا حتى كما تعامل الوقائع التاريخية التي لا ترتبط بأيّ بعد دينيّ أصيل، إنّنا هنا بمواجهة تجربة من نوع خاص، وشبكة من العوامل والمؤثرات تندّ عن حدود مملكة العقل الخالص، وتستعصي على التحليل المنطقي الاعتيادي المألوف، ومن ثمّ فإنّ محاولة قسرها على الخضوع لمقولات العقل الصرف ومعطيات المنطق المتوارثة لا يقود إلى نتائج خاطئة حينا، ولا تستعصي عليه بعض الظواهر حينا آخر فحسب، بل إنّه قد يقوم بما يمكن اعتباره جريمة قتل بشكل من الأشكال، أو محاولة لتفحّص الجسد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015