عبد الله وعدى، وسفانة، فو الله إِنْ وَجَدْنَا شَيْئًا نُعَلِّلُهُمْ بِهِ، فَقَامَ إِلَى أحد الصّبيان فَحَمله، وَقمت إِلَى الصبية فعللتها، فو الله إِنْ سَكَتَا إِلَّا بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ عُدْنَا إِلَى الصَّبِيِّ الْآخَرِ فَعَلَّلْنَاهُ حَتَّى سَكَتَ وَمَا كَادَ.

ثُمَّ افْتَرَشْنَا قَطِيفَةً لَنَا شَامِيَّةً ذَاتَ خَمْلٍ فَأَضْجَعْنَا الصِّبْيَانَ عَلَيْهَا، وَنِمْتُ أَنَا وَهُوَ فِي حُجْرَةٍ وَالصِّبْيَانُ بَيْنَنَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ يُعَلِّلُنِي لِأَنَامَ، وَعَرَفْتُ مَا يُرِيدُ فَتَنَاوَمْتُ، فَقَالَ مَالَكِ أَنِمْتِ؟ فَسَكَتُّ فَقَالَ: مَا أرها إِلَّا قَدْ نَامَتْ.

وَمَا بِيَ نَوْمٌ.

فَلَمَّا ادْلَهَمَّ اللَّيْلُ وَتَهَوَّرَتِ النُّجُومُ وَهَدَأَتِ الْأَصْوَاتُ وَسَكَّنَتِ الرِّجْلُ، إِذَا جَانَبُ

الْبَيْتِ قَدْ رُفِعَ، فَقَالَ من هَذَا؟ فولى.

حَتَّى قلت إِذا قَدْ أَسْحَرْنَا أَوْ كِدْنَا عَادَ فَقَالَ مَنْ هَذَا؟ قَالَتْ: جَارَتُكَ فُلَانَةُ يَا أَبَا عَدِيٍّ، مَا وَجَدْتُ عَلَى أَحَدٍ مُعَوَّلًا غَيْرَكَ، أَتَيْتُكَ من عِنْد أصبية يتعاوون عواء الذئاب مِنَ الْجُوعِ.

قَالَ أَعَجِلِيهِمْ عَلَيَّ.

قَالَتْ النَّوَارُ: فَوَثَبت فَقلت مَاذَا صنعت؟ اضْطجع وَاللَّهِ لَقَدْ تَضَاغَى أَصَبِيَتُكَ فَمَا وَجَدْتَ مَا تعللهم، فَكيف بِهَذِهِ وَبِوَلَدِهَا؟ فَقَالَ: اسكتي، فو الله لاشبعنك إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَتْ: فَأَقْبَلَتْ تَحْمِلُ اثْنَيْنِ وَتَمْشِي جَنْبَتَيْهَا أَرْبَعَةٌ كَأَنَّهَا نَعَامَةٌ حَوْلَهَا رِئَالُهَا (?) ، فَقَامَ إِلَى فَرَسِهِ فَوَجَأَ بِحَرْبَتِهِ فِي لِبَتِّهِ، ثُمَّ قَدَحَ زِنْدَهُ وَأَوْرَى نَارَهُ، ثُمَّ جَاءَ بِمُدْيَةٍ فَكَشَطَ عَنْ جِلْدِهِ، ثُمَّ دَفَعَ الْمُدْيَةَ إِلَى الْمَرْأَةِ ثُمَّ قَالَ دُونَكِ.

ثُمَّ قَالَ: ابعثى صبيانك.

فبعثهم.

ثمَّ قَالَ: سوءة، أَتَأْكَلُونَ شَيْئًا دُونَ أَهْلِ الصِّرْمِ! فَجَعَلَ يُطَوِّفُ فِيهِمْ حَتَّى هَبُّوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ وَالْتَفَعَ فِي ثَوْبه، ثمَّ اضْطجع نَاحيَة ينظر إِلَيْنَا، وَاللَّهِ مَا ذَاقَ مِزْعَةً، وَإِنَّهُ لِأَحْوَجُهُمْ إِلَيْهِ، فَأَصْبَحْنَا وَمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُ إِلَّا عَظْمٌ أَوْ حَافِرٌ! وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّثَنِي الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبى سعد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015