قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهَا أُعْجِبْتُ بِهَا وَقُلْتُ لَأَطْلُبَنَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَجْعَلُهَا فِي فَيْئِي، فَلَمَّا تَكَلَّمْتُ أُنْسِيتُ جَمَالَهَا لِمَا رَأَيْتُ مِنْ فَصَاحَتِهَا، فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُخَلِّيَ عَنِّي وَلَا تُشْمِتْ بِيَ أَحْيَاءَ الْعَرَبِ، فَإِنِّي ابْنَةُ سَيِّدِ قَوْمِي، وَإِنَّ أَبِي كَانَ يَحْمِي الذِّمَارَ، وَيَفُكُّ الْعَانِيَ، وَيُشْبِعُ الْجَائِعَ، وَيَكْسُو الْعَارِيَ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُطْعِمُ الطَّعَامَ وَيُفْشِي السَّلَامَ، وَلَمْ يَرُدَّ طَالِبَ حَاجَةٍ قَطُّ، وَأَنَا ابْنَةُ حَاتِمِ طَيِّئٍ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا جَارِيَةُ هَذِهِ صِفَةُ الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا، لَوْ كَانَ أَبُوكِ مُؤْمِنًا لَتَرَحَّمْنَا عَلَيْهِ، خَلُّوا عَنْهَا فَإِنَّ أَبَاهَا كَانَ يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ ".
فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ (?) فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَاللَّهُ يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ إِلَّا بِحُسْنِ الْخُلُقِ ".
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ أَبى عبد الرَّحْمَن الطائى - هُوَ الْقَاسِم بن عدى - عَن عُثْمَان، عَن عركى بن حليس الطَّائِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، وَكَانَ أَخَا عدى بن حَاتِم لامه قَالَ: قيل للنوار امْرَأَةِ حَاتِمٍ: حَدِّثِينَا عَنْ حَاتِمٍ.
قَالَتْ: كُلُّ أَمْرِهِ كَانَ عَجَبًا! أَصَابَتْنَا سَنَةٌ حَصَّتْ (?) كُلَّ شئ، فَاقْشَعَرَّتْ لَهَا الْأَرْضُ وَاغْبَرَّتْ لَهَا السَّمَاءُ، وَضَنَّتِ المراضع على أَوْلَادهَا، وراحت الابل حدبا حدابير مَا تبض بقطرة (?) ، و؟ لقت (?) الْمَالُ.
وَإِنَّا لَفِي لَيْلَةٍ صِنَّبْرٍ (?) بَعِيدَةِ مَا بَين الطَّرفَيْنِ، إِذْ تضاغى الا صبية من الْجُوع،