ودموعهم .. السواعد نعش لجليبيب .. والكلمات أكفان كالغمام: هذا مني وأنا منه .. لكني أفقد جليبيبًا ..

ما أسما هذا النبي وأعظمه .. ما أرقّ مشاعره .. يخطب باسم هذا الفقير الذي يموت في المعركة بعد أن فتك بسبعة .. ومع ذلك لا يأبه له أحد .. لا يذكر إذا ذكر الشهداء .. ولا يفقد إذا فقد الأبطال .. لكن أحضان النبي - صلى الله عليه وسلم - وتجاويف قلبه تفتقده .. لأنه مسلم .. مهما كان نسبه .. مهما كان لونه .. حتى لو ارتحل عن هذه الدنيا دون أن يترك جاهًا أو مالًا ..

هل يضر جليبيبًا ذلك .. هل يضرّه أن لا يفتقده أحد إذا افتقده محمَّد - صلى الله عليه وسلم - .. وحمله محمَّد - صلى الله عليه وسلم - .. وجعل ساعديه له نعشًا وسريرًا .. وتوجع بكنز تمنّاه كل من حوله عندما قال: هذا مني وأنا منه .. هذا مني وأنا منه .. أما فتاته التي أحبّته لأن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - يحبّانه .. لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختاره لها .. فقد بلغها الخبر والحزن .. وبلغ المدينة كلّها ما حدث لجليبيب فأصابها الحزن .. وافتقد بعض البيوت تلك الملاحة والظرف والضحكات التي يثيرها رحمه الله بدعاباته ..

ذهب رضي الله عنه وترك لزوجته مجدًا لا يبارى .. وجعلها ملء السمع والبصر في المدينة .. حتى قال أنس بن مالك رضي الله عنه بعد أن انتهت فترة حدادها على زوجها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015