(فأعجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أن يسمع ذلك أصحابه) (?).

ولم يكتف -صلى الله عليه وسلم - بإبداء الإعجاب والرضا والابتسام .. فالرجل ما زال يلهث .. ويداه تنزفان وقدماه داميتان من صخور اليهود وأشواك حقولهم .. رَقَّ -صلى الله عليه وسلم - لحاله وضياعه فقرر كسر هذا الطوق الذي يخنق أنفاس هذا المسكين فالتفت -صلى الله عليه وسلم - إليه وقال: "كاتب يا سلمان" (?) .. أي تعاقد مع سيدك اليهودي على شيء تقدمه له مقابل حريتك ..

لم يكن لدى سلمان شيءٌ يقدمه .. لكن كلمات النبي - صلى الله عليه وسلم -كانت نوافذَ مفتوحةً على الحرية والحرية .. نهض سلمان من بين المقابر وتوجه إلى ذلك اليهودي .. نهض سلمان وقد انتزع القلوب من حوله .. وغادر ونظرات الإشفاق والعطف تتابعه حتى اختفى ..

ونهض النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وقد أثقلهم الحزن على صاحبيهم.

ولم يكتفِ -صلى الله عليه وسلم - بالحزن على صاحبه الذي دفنه منذ قليل فأسعد بن زرارة ملء السمع والبصر وعائلته من بعده أصبحت بين حناياه -صلى الله عليه وسلم - ..

رحل أسعد بن زرارة وترك زهرتين صغيرتين .. ها هو -صلى الله عليه وسلم - يمشي متوجهًا نحوهما في دار أبيهما أسعد .. نبى الله -صلى الله عليه وسلم - يحمل في يده هدية جميلة لهاتين الصغيرتين .. إنها أقراط ذهبية مرصعة باللؤلؤ .. وليس هناك ما يدخل السعادة على الفتاة مثل الحلى والزينة ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015