سادسًا: إسلام عبد الله بن الزِّبَعْرَى شاعر قريش:

لما فتحت مكة فر عبد الله بن الزِّبَعْرَى السهمي إلى نجران فلحقته قوافي حسان, فقد كان خصمًا عنيدًا للإسلام، فراح يعيره بالجبن والفرار فقال له:

لا تعد منْ رجلاً أحلك بغضه ... نجران من عيش أحذَّ لئيم (?)

أي فليبق الله لنا محمدًا صلى الله عليه وسلم هذا الرجل العظيم الذي أحللك بغضه ديار نجران، وليدم الله عليك ابن الزبعرى عيشا ذليلا مهينا أشأم.

ثم راح حسان يستنزل غضب الله ومقته على ابن الزبعرى، وعلى نجله ويسأله الله تعالى أن يخلده في سوء العذاب وأليمه (?):

غضب الإله على الزبعرى وابنه ... وعذاب سوء في الحياة مقيم

فتطايرت تلك الأبيات ووصلت إلى ابن الزبعرى، فقام وقعد وقلب أموره، ثم أراد الله به الخير فعزم على الدخول في الإسلام, ثم توجه إلى مكة وقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلن إسلامه, وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له كل عداوة له وللإسلام, فقال له رسول الله: «إن الإسلام يجب ما قبله» (?) ثم أدناه رسول الله منه وآنسه، ثم خلع عليه حلة (?) وقد أجمع الرواة أن ابن الزبعرى - رضي الله عنه - قال بعد إسلامه شعرًا كثيرًا حسنًا يعتذر فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (?). قال ابن عبد البر رحمه الله: وله -ابن الزبعرى- في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أشعار كثيرة، ينسخ بها ما قد مضى من شعره في كفره (?).

وكذا نص ابن حجر في الإصابة: ثم أسلم ومدح النبي صلى الله عليه وسلم فأمر له بحلة (?)، وقال القرطبي: (وكان شاعرًا مجيدًا، وله في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، أشعارٌ كثيرة، ينسخ بها ما قد مضى في كفره (?) ... ) وقال ابن كثير: كان من أكبر أعداء الإسلام ومن الشعراء الذين استعملوا قواهم في هجاء المسلمين، ثم منَّ الله عليه بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الإسلام والقيام بنصره والذب عنه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015