فقال: «أيؤذيك هوامك» (?) قلت: نعم، قال: «فاحلق رأسك» أو قال: «احلق» قال: فنزلت هذه الآية: (فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) [البقرة: 196] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفرق بين ستة أو انسك (?) بما تيسر» (?) وفي رواية مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو بالحديبية قبل أن يدخل مكة وهو محرم وهو يوقد تحت قدر والقمل يتهافت على وجهه فقال: أيؤذيك هوامك هذا؟ قال نعم، قال: فاحلق رأسك وأطعم فرقًا بين ستة مساكين (والفرق ثلاث أصع) أو صم ثلاثة أيام أو انسك نسيكة (?) , وآية البقرة المذكورة تبين حكم من كان مُحرِمًا وبه أذى من رأسه, وهي نزلت في كعب بن عجرة خاصة، وأصبحت لكل مسلم يمر بنفس الحالة.
2 - مشروعية الصلاة في الرحال:
روى ابن ماجة عن أبي المليح بن أسامة قال: خرجت إلى المسجد في ليلة مطيرة فلما رجعت استفتحت فقال أبي (?): من هذا؟ قال: أبو المليح، قال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية وأصابتنا سماء لم تبل أسافل نعالنا، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلوا في رحالكم (?). وهذا الحديث صحيح فسنده متصل برواية الثقات، وقد صححه ابن حجر (?).
3 - انصراف المسلمين من الحديبية ونومهم عن صلاة الصبح:
كانت مدة إقامة المسلمين بالحديبية بضعة عشر يومًا، ويقال: عشرين ليلة على قول الواقدي (?) وابن سعد (?).
وعن ابن عائذ: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام في غزوته هذه شهرًا ونصفًا) (?).
والذي يبدو أن الواقدي وابن سعد أرادا تحديد مدة إقامته صلى الله عليه وسلم في الحديبية، أما ابن عائذ فقصد الزمن الذي استغرقته غيبة النبي صلى الله عليه وسلم منذ خروجه من المدينة إلى عودته إليها.
وبعد أن تحلل المسلمون من عمرتهم تلك قفلوا راجعين إلى المدينة، فلما كان من الليل