السمة الرابعة: شمولية الإسلام: الإسلام ليس كما يعتقده الكثيرون صيام وصلاة؛ إذ ليس موطن تطبيق الإسلام المسجد فقط، ولكن الإسلام دين يحكم كل دقائق الحياة، كما يتضح من اسمه، فالإسلام هو إسلام كامل لله رب العالمين، ويظهر معنى الإسلام الذي نقصده في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162 - 163] فالعبادة والحياة والممات كلها لله عز وجل، وليس معنى هذا أن التشريع جمود يمنع من مواكبة تغيرات الزمان، لكن التشريع فيه مرونة كبيرة جداً تجعله صالحاً لكل ظرف، قابلاً للتطبيق في الجزيرة العربية وفي غيرها من بقاع العالم المختلفة، قابلاً للتطبيق في زمان الرسول عليه الصلاة والسلام وفي الأزمان التي لحقته وفي زماننا وإلى يوم القيامة.
واجه الرسول عليه الصلاة والسلام ظروفاً متباينة تماماً في مراحل حياته المختلفة، ومع ذلك كان هناك قانون لكل فترة حسب الظروف والمتغيرات، وكان هذا القانون من الشمول بحيث إنه غطى كل جوانب الحياة الإيمانية والتعبدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والقضائية والعسكرية وغير ذلك من الجوانب، استوعب القانون الإسلامي معاملات الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه في فترة مكة، فترة الاضطهاد والتعذيب والتنكيل، كما أنه استوعب معاملات الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه في المدينة المنورة في كل مراحلها، سواء في فترة الإعداد، أو في فترة الصدام مع العدو، أو في فترة التمكين والعلو في الجزيرة، في فترة دعوة العالم، في كل هذه الفترات استوعب القانون الإسلامي كل المتغيرات والظروف.
ما يجعلنا نجزم بشمول المنهج الإسلامي، وأنه منهج بلا ثغرات مطلقاً، وكيف يكون به ثغرات وهو منهج رب العالمين سبحانه وتعالى؟! كيف يصل المخلوق إلى ما هو أبدع وأروع مما صنعه الخالق؟! هذا مستحيل، هذا هو منهجنا منهج الإسلام، وكان هذا واضحاً تمام الوضوح في دراسة السيرة النبوية.