في اليوم التاسع والعشرين من صفر شهد الرسول صلى الله عليه وسلم جنازة في البقيع، وعند رجوعه من البقيع بدأ المرض الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم، وكان قبل أسبوعين تماماً من وفاته صلى الله عليه وسلم، فقد أصابه صداع شديد في رأسه، وارتفعت درجة حرارته جداً، حتى ربط عصابة على رأسه، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يشعرون بالحرارة من فوق العصابة.
كان مرض النبي صلى الله عليه وسلم في منتهى الشدة، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تشعر هي الأخرى بصداع في رأسها، فقالت: (وا رأساه، فقال صلى الله عليه وسلم: بل أنا وا رأساه).
ولعلها المرة الأولى في حياته صلى الله عليه وسلم التي لا يلتفت فيها إلى مرض السيدة عائشة رضي الله عنها؛ لشدة مرضه هو صلى الله عليه وسلم، ومع مرور الوقت اشتد المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان كعادته ينتقل كل يوم من بيت زوجة إلى بيت أخرى، بحسب دورهن، لكنه مع اشتداد المرض عليه أصبح من الصعب عليه فعلاً أن ينتقل بين الحجرات، فأراد صلى الله عليه وسلم أن يستقر في بيت إحداهن إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستقر في بيت أحب زوجاته إلى قلبه، السيدة عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما، لكنه استحيا صلى الله عليه وسلم أن يطلب ذلك من زوجاته؛ لئلا يكسر نفوسهن، فكان يقول صلى الله عليه وسلم: (أين أنا غداً؟ أين أنا غداً؟ حتى جاء يوم عائشة فسكن صلى الله عليه وسلم).
ففهمن أمهات المؤمنين رضي الله عنه، ومن أدبهن وحبهن له أذن له بالبقاء حيث يحب، فبقي صلى الله عليه وسلم في بيت السيدة عائشة من يوم خمسة من شهر ربيع الأول إلى آخر حياته صلى الله عليه وسلم يعني: بقي: أسبوعاً كاملاً.