كانت هذه صورة من صور الفداء وهي الفداء بالمال، لكن هناك أناس كانوا فقراء، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض هؤلاء الأسرى يعرفون القراءة والكتابة، والأمة الإسلامية في ذلك الوقت لم تكن قد تعلمت بعد، وليس عندها قدرة على القراءة والكتابة إلا القليل، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بفك أسر مثل هؤلاء من المشركين على أن يعلم كل واحد منهم عشرة من غلمان المدينة المنورة، وهذا يرينا بعد نظر، الرسول عليه الصلاة والسلام ودقة فهمه، فالأمة في حاجة إلى القراءة والكتابة، فاستغل صلى الله عليه وسلم هذا الظرف العظيم، وهو ظرف وجود سبعين من المشركين، منهم من لا يقدر أن يدفع الفدية، فاستغل هذا الأمر في تعليم المسلمين القراءة والكتابة.
هناك بعض الأسرى منَّ الرسول عليه الصلاة والسلام عليهم بغير فداء وأطلقهم، من هؤلاء أبو عزة الجمحي، كان فقيراً جداً وقال: (يا رسول الله! لقد عرفت ما لي من مال، وإني لذو حاجة وذو عيال فامنن علي، فمن عليه صلى الله عليه وسلم)، لكن أخذ عليه عهداً ألا يظاهر عليه أحد، وحينها قال أبو عزة بعض الأشعار في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام.
لكن سبحان الله! ما خشي منه سعد بن معاذ وعمر بن الخطاب حصل، فقد كان أبو عزة بعد إطلاقه شراً على المسلمين وحرباً عليهم، وألب عليهم المشركين في غزوة أحد.
وقتل صلى الله عليه وسلم بعض الأسرى، قتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث؛ لأن هؤلاء كانوا من أكابر مجرمي قريش، نسميهم في هذا الزمن بمجرمي الحرب، صلى الله عليه وسلم لهما محاكمة، وقتل الاثنين وهو في الطريق إلى المدينة المنورة.