وقف صلى الله عليه وسلم مع صحابته جميعاً يبنون المسجد النبوي بالمدينة المنورة، وفي بناء هذا المسجد دروس لا تُحصى: أولاً: البساطة في البناء، والاهتمام الكامل بالجوهر لا بالشكل.
كان المسجد مبنياً من اللبن والجريد، ومع ذلك أخرج عمالقة حكموا العالم بعد ذلك.
وكان الجميع يتمنى أن يحمي الرسول صلى الله عليه وسلم ويفديه بنفسه وروحه، وأن يفديه من كل تعب أو نصب، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم نزل بنفسه مع الصحابة ليبني المسجد ويأخذ معهم التراب، وينقل معهم الحجارة، ويقيم الأعمدة، ويخطط للمسجد، وهذه من أبلغ الوسائل لتربية الشعوب.
ثانياً: المشاركة الحقيقية والمعاناة الكاملة مع الشعب، وسنجد هذه النقطة معنا في سيرته صلى الله عليه وسلم كاملة، ففي بدر تجده يقاتل بنفسه صلى الله عليه وسلم، وفي أحد كذلك، وفي حفر الخندق يحفر معهم، وفي السفر والحضر معهم في مشاكلهم وأفراحهم وخلافاتهم، معهم في كل أزمة وفي كل لحظة، معهم حتى إلى القبور، فأي واحد منهم يموت يحرص صلى الله عليه وسلم على الذهاب معه إلى قبره، فمن أول ما بدأ أخذ يربي إلى أن مات صلى الله عليه وسلم، وهكذا مع عموم شعبه صلى الله عليه وسلم، فمهما كان الإنسان بسيطاً أو فقيراً أو من قبيلة أخرى أو من لون آخر أو من جنس آخر، فكل المسلمين عنده سواء، وهو صلى الله عليه وسلم واحد منهم، وهكذا كان زعماء الأمة في زمان قوة المسلمين.
فهذه أسس رئيسة لبناء الأمة الإسلامية، وما نتحدث عنه الآن في إيجاز يحتاج إلى تفصيلات كثيرة جداً، وتأصيل في داخل الأمة الإسلامية لترفع رأسها من جديد.