الخبرين يتضمن قوة المشركين، وضعف جيش المسلمين، ويقين أولياء الشيطان من المشركين والمنافقين بأن النصر سيكون للمشركين على المسلمين.

فالخبر الأول عن طائفة أعانت المشركين من عدو يخشى منه قطع طريق المشركين، فانحازت إليهم علناً؛ وذلك يستلزم تقبيح ما أقحم المسلمون فيه أنفسهم إذ عمدوا إلى قتال قوم أقوياء.

الخبر الثاني عن طائفة المنافقين الذين في قلوبهم مرض (?)، أو هما طائفتان على قول البعض شوهتا صنيع المسلمين وحمقوا المسلمين ونسبوهم إلى الغرور، وهو إيقاع أنفسهم في المضرة بإيهام المنفعة، وأن الذى عزهم بذلك هو دينهم الإسلام، وقد نسبوا الغرور إليه لما فيه من الوعد بنصر المؤمنين، وأن القلة تهزم الكثرة بإذن الله تعالى.

وإن هذا الإرحاف لواقع اليوم من كل الطوائف التى اجتمعت على محاربة الإسلام، يثبطون المسلمين بأنهم لا يمكن أن يتصدوا للاعداء فضلاً عن هزيمتهم، بتهويل قوة الكفرة، وتهوين شأن المسلمين، وإخماد روح العزة والكرامة والثأر فيهم، ويأتى دور المنافقين الذين يوالون الكفرة ويتحدثون بألسنة المسلمين ليشككوهم في دينهم، وأنه سبب الهزيمة، وأن موعود الله لهم بالنصر إنما هو غرور ومحال، كل ذلك وأشد قد صورته آيات بدر ليخرج المسلمون من تلك الحالة، بل لئلا يكونوا فيها أبداً، لذا جاء قوله تعالى ليؤكد لهم أن جنده مهما كانوا هم الغالبون طالما كانوا بدينهم ذلك مستمسكين فقال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِن اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 49]، فهذه الجملة معطوفة على جملة {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ .......}، لأنها من جملة الأخبار المسوقة لبيان عناية الله تعالى بالمسلمين وللامتنان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015