أمامهم في المنام ليروا هزيمتهم وفرار جارهم، ومنذ متى يصدق المشركون بتلك الرؤى وغيرها، لقد انعكس مقصود النافين لتمثل الشيطان حقيقة، بحيث أوقعوا أنفسهم فيما حاولوا أن يفروا منه مجاراة للمدرسة العقلية، بحيث صارت نفياً للعقل ذاته، أو استهزاء أو التفافاً حول العقل. مع الطعن في قضايا الدين والإيمان، بدون أي مبرر عقلى، إلا اتباع العقل الغربى المحارب للإسلام.
وبعد ذلك ما كان القرآن الكريم ليترك موقف المنافقين والذين في قلوبهم مرض، ليستكمل بذلك جوانب الصورة، ولتتم كل إبعادها، إمعاناً في إعلام المسلمين بإحاطة الله تعالى بعلم كل شيء، وتقدير كل شيء، مع رجوع كل الأمور إليه، وليبصر المؤمنين بمواقف كل فئة، وتستقر نفوسهم على انه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وليجعل لكل شيء قدراً في الواقع أمام المؤمنين يعلمون به كيف نصرهم وأيدهم، وكيف يتوكلون عليه ويبذلون له، بالتالى أنفسهم وأموالهم، فجاء قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِن اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)} [الأنفالك 49].
يتعلق {إِذْ يَقُولُ}، بأقرب الأفعال إليه، وهو قوله تعالى {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}، مع ما عطف عليه من الأفعال، ويكون قول المنافقين واقعاً في وقت تزيين الشيطان أعمال المشركين، ويكون نظم الكلام هكذا: وزين الشيطان للمشركين أعمالهم حين كان المنافقون يشوهون ويحمقون أعمال المؤمنين، ويصفونهم بالغرور وقلة التدبير بسبب اعتقادهم في دينهم الذى أوقعهم في هذا الغرور. (?)
وفي مثل هذا السياق تُطلب المناسبة لذكرهذا الخبر وراء سابقه، والمناسبة أن كلا