وقوله: {وَمَا أَنْزَلْنَا}، عطف على اسم الجلالة، والمعنى وآمنتم بما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان – يوم بدر – وتخصيص {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ}، بالذكر من جملة معتقدات الإيمان؛ لأن لذلك المنزل في هذا اليوم وقعه الشديد التأثير عليهم مما يجعل لهذا المنزل مزيد تعلق بالمسارعة إلى العمل بما أمروا به في قوله: {وَاعْلَمُوا}.

وإن ما نبههم إليه في ذلك الإنزال أمران:

الأول: أن يكون المنزل هو الوحى الذى أنزله على عبده يوم بدر كوعده باحدى الطائفتين وتبشيره بالنصر، والوحى بقلة أولئك وهؤلاء ... إلى آخر ما نزل من وحى الله تعالى لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

الثاني: أن المنزل يوم الفرقان هو ما شاهدوه بأعينهم من خوارق العادات، واللطف الإلهى، كنزول الملائكة، وإنزال المطر عند حاجة المسلمين إليه، ونصر القلة على الكثرة إلى غير ذلك مما ذكرنا في موضعه.

وإن إطلاق الانزال ليشمل الأمرين كما ذكرنا معاً. وتزيد الآية في إظهار أمر آخر وهو التشريف لهذا الانزال والتطهر؛ لأن إطلاق الانزال على حصوله استعارة تشبيهاً له بالواصل إليهم من علو تعظيماً له (?)، علاوة على تعظيم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالاضافة إلى الله جل وعلا، وبصفة العبودية خاصة التى هي أعلى درجات وصفات المدح، مع إرشاد المؤمنين إلى العبودية التى يجب أن يكونوا عليها في تلقى أوامر مولاهم السيد الأعلى وأن حصولهم على تلك المرتبة العليا عند الله تعالى، كما هي لنبيهم بكونهم يكونون عبيداً لربهم منقادين له مع تمام المحبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015