فرمى به وجوه القوم، فما بقى منهم أحد إلا امتلأت عيناه من الحصباء وفيها نزلت الآية:
{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] (?).
قُتل في هذه الملحمة سبعون من قريش، وأُسِر مثلهم، وكان يصرع في المواضع التي بَيَّنها الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأصحابه قبل المعركة، من ذكرهم بأسمائهم (?)، وكان ممن قُتل من قادة قريش أبو جهل، عمرو بن هشام المخزومي، الذى وصفه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأنه فرعون هذه الأمة (?)، قتله معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء - رضي الله عنهما -، في قصة في الصحيحين وأجهز عليه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (?).
ومنهم أمية بن خلف، الذى كان يعذب بلالاً - رضي الله عنه - في مكة، أسره عبد الرحمن بن
عوف - رضي الله عنه - وأسر معه ابنه علياً، فرآه بلال - رضي الله عنه - فقال: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا؛ واستصرخ عليه الأنصار فأعانوه على قتله هو وابنه على (?)، وكان وفاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاضراً آنئذ، كما هو حاله المشرف دائماً، ولم ينسه في غمرة هذا الصدام الدامى، فأصدر توصياته بعدم قتل بعض المشركين ممن كان يقف مساعداً للمؤمنين في مكة، وقت اضطهادهم وتعذيبهم، منهم أبو البخترى بن هشام، وكان ممن سعى في نقض صحيفة المقاطعة، ولم يؤذ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومنهم نفر من بنى هاشم خرجوا مع قريش مكرهين، كالعباس بن عبد المطلب عم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والذى وقف بجواره طوال عهده بمكة، خاصة بعد وفاة عمه أبى طالب،