المبحث الثاني
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
وننتقل مسرعين إلى: هذا الأساس الذي وضعه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عند وصوله إلى المدينة المنورة، بعد الهجرة مباشرة، لبناء المجتمع الإسلامي، وما كان ذلك إلا بتوفيق الله تعالى ورحمته.
وقد كان ذلك لقدوم المهاجرين من مكة إلى المدينة لايملكون شيئاً، تركوا أموالهم، وأولادهم وأرضهم وديارهم، نصرة لله ولرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولدينه، ولم يكونوا أهل زراعة، ومع ذلك أعطاهم الأنصارُ، - الذين هم أهل الأرض والعقار - الأرضَ، ليعملوا فيها بنصف ثمارها، ومنهم من أعطيت له منيحة محضة، واستغنوا عنها لما فتح الله عليهم خيبر (?).
وقد رد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، - نفسُه - ما أعطوه من نخل عندما فتحت عليه قريظة والنضير (?).
وكان ذلك دليل إيثارهم المهاجرين على أنفسهم، حتى وصل بهم الإيثار إلى أن قالوا للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن شئت فخذ منا منازلنا». فقال لهم خيراً، وابتنى لأصحابه في أرض وهبتها لهم الأنصار، وفي أراض ليست ملكاً لأحد (?).