الأخلاق إذاً في النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فهو أحسن الخلق معاملة للناس على مختلف الأحوال المقتضية لحسن المعاملة.

ولاجتماع هذه الأخلاق فيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأينا السيدة عائشة - رضي الله عنها - تقول: كان خلق نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القرآن (?)، أي هو أدب القرآن ويشمل ذلك كل ما وصف به القرآن مكارم الأخلاق، ويشمل كذلك ما وصف به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من نحو قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159] وقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] وغير ذلك من آيات القرآن الكريم.

وأيضًا ما أخذ به رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأدب بطريق الوحي غير القرآن قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) (?) فجعل أصل شريعته إكمال ما يحتاجه البشر من مكارم الأخلاق في نفوسهم.

وإذا كان الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو صاحب الخلق العظيم، وأن الخلق العظيم هذا هو أدب الوحي الذي نزل عليه، فإن ذلك يدل على أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو المظهر الأكبر لهذا الخلق، ومن ثم أمره الله تعالى أن يقول: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} [الأنعام: 163] حيث صار بعد أمر ربه بقوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} [الجاثية: 18] أول وأعظم المتبعين لها والمتخلقين بأخلاقها.

والأمر المهم الآخر في هذا الكلام أن الشريعة هذه أيضًا متمكنة تمام التمكن من عظيم الأخلاق، مرتبطة به أشد الارتباط، فكانت هي الأخرى المظهر الأجلّ الأعظم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015