فيه، مع تزايده وأبديته فكان ذلك تأنيسًا وتثبيتًا لقلب الرسول مع البشرى والوعد الجميل بما لا مزيد عليه.

وبعد أن آنس نفس رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذا الوعد، جاء المقسم عليه الثالث، وهو قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4] فسفَّه رأي أعدائه بقولهم مجنون، ودفعه بما يذهبه ويبطله مما يعلمه قومه، فحقق أنه متلبس بخلق عظيم، وذلك ضد الجنون، وقد أكد بمؤكدين بحرف {إِنَّ} وبلام الابتداء أي أنه كلام لا يدع مجالاً لشك أو تردد، وكأنه يؤكد الواقع الذي لا يمارون فيه، ولا يكذبون به (?).

والخلق: طباع النفس وعاداتها وسجاياها، وأكثر إطلاقه على طباع الخير إذ لم يُتْبع ينعت.

والعظيم: الرفيع القدر، وهو مستعار من ضخامة الجسم، وشاعت هذه الاستعارة حتى ساوت الحقيقة.

و {عَلَى} للاستعلاء المجازي المراد به التمكن كقوله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 5]، ومنه قوله تعالى: {إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} [النمل: 79].

والخلق العظيم هو الخلق الأكرم في نوع الأخلاق، وهو البالغ أشد الكمال المحمود في طبع الإنسان، لذلك فالخلق العظيم أرفع من مطلق الخلق الحسن، فلاجتماع مكارم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015