4 - إسلام النجاشي ملك الحبشة، وهو غير النجاشي الذي أرسل إليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعوه إلى الإسلام، وقد أسلم هذا الملك بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة وإحساس قريش بالخطر من الأمان الذي أعطاه النجاشي للمسلمين حيث أقاموا مع خير جار في خير دار - كما تقول السيدة أم سلمة (?) رضي الله عنها والرواية الصحيحة تذكر أن القسيسين والرهبان الذين حضروا مجلس النجاشي وسمعوا القرآن انحدرت دموعهم مما عرفوا من الحق فأنزل الله تعالى: {بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (?) [المائدة: 82، 83] ولا شك أن مثل هذا الذي اجتمع عليه القرآن الكريم والسنة النبوية، والروايات الإخبارية لا يعدل عنه إذ لا يتطرق إليه ريب في صحته ولا تردد. وإلا تركنا الاحتجاج بكل أخبار هذا العالم.
ويدل هذا الخبر بطوله حيث ذكره ابن إسحاق وابن هشام وغيرهما من المفسرين وحفاظ السير على إسلام هذا الملك العادل، وقد صلى الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة الغائب (الجنازة) عندما جاءه خبر موته، وما كان ليصلي إلا على مسلم (?).
ولم يكن العرب بأقل من غيرهم انتظارًا لمجيء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى هذا العالم، وقد كان فيهم رفقاء ورقة بن نوفل في طلب الحق، مثل زيد بن عمرو بن نفيل، وقس بن ساعدة الإيادي، وكان هناك غيرهم كأبي ذر الغفاري، وعمرو بن عبسة وسواد بن قارب، وكان منهم كسواد من له علاقة بقضايا الجن إذ كانت معلومة عندهم، كما قال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ