إنه محمد - وحده - هو الذي يرقى إلى هذا الأُفُق من العظمة، هو الذي يكافئ هذه الرسالة الكونية العالمية الإنسانية حتى لتتمثل في شخصه حية، تمشي على الأرض في إهاب إنسان، إنه محمد - وحده - الذي علم الله منه أنه أهل لهذا المقام.
والله أعلم حيث يجعل رسالته - وأعلن في هذه أنه على خلق عظيم، وأعلن في الأخرى أنه - جلَّ شأنه، وتقدست ذاته وصفاته، يصلي عليه هو وملائكته: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56]، وهو - جلَّ شأنه - وحده القادر على أن يهب عبدًا من عباده ذلك الفضل العظيم.
انتهى تلخيصا لكلام المؤلف. (?)
وأما عند تحليل الآية الكريمة:
فأول ما يطالعه الباحث في ذلك هو العطف (?)، وهو عطف جملة {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} على قوله: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} وهو جواب القسم، أي إنَّ قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ ....} مُقسَم عليه من الله جلَّ وعلا - وإن كان سبحانه لا يحتاج لقسمٍ لإثبات كلامه - وإنَّما ذلك لتبيين أهمية المُقسَم عليه وصدقه، وعلو شأنه، وأنه مفروغ منه، ولا يتطرق إليه الاحتمال، أو يمسُّه الشك.
والقَسَم هنا يجري على سنن الأقسام الصادرة في كلام الله تعالى بما شاء من عظيم خلقه الدالة على آثار صفاته وجلاله.