التي حلت عليها في تلك السنة الشهباء، وما عاشوا فيه من بركاته إلى أن ردته إلى أمه.
وبركاته الحالة عليهم بغض النظر عن صحة هذه الرواية بالذات ليست مما ينكره الواقع والعقل والشرع، فقد ذكرنا في قصة عيسى - عليه السلام - الشرع الذي لم ينكره الواقع، ولم يدفعه العقل في قوله عليه الصلاة والسلام: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: 31] فتلك بركات السيد الجليل عيسى - عليه السلام - فما بالك ببركات النبي الخاتم الذي بشر به عيسى نفسه عليهم صلوات الله وسلامه، وعليه يمكن أن نقول بظهور تلك البركات، فخلال حياته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في رعاية حليمة السعدية وقعت للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إرهاصات دلت على تلك البركات، وعلى عناية الله به، وحفظه إياه، حيث درَّ ثديها باللبن بمجرد حلول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليها، فارتوى هو وابنها الذي كانت تحمله بعد أن كان يبكي من الجوع لجفاف ثدي أمه، ولا ينام هو وأهله، وامتلأ ضرع راحلتها باللبن بعد أن كان يابسًا، فشبعت هي وزوجها، وسبقت راحلتها الركب بعد أن كانت عجفاء تسير في مؤخرة الركبان، وحيثما حلَّت أغنام حليمة تجد مرعى خصبًا، ولا تجد أغنام غيرها شيئًا، وكان ينمو نموًا سريعًا لا يشبه نمو الغلمان، وكل ذلك كما أشرنا شيءٌ يسير في قدرة الله، ووقوعه لأصفيائه من البشر.
نعود إلى حديث حليمة، فقد ذكر المحدثون المحققون أن الحديث ضعيف السند مع أنه خبر مستفيض في كتب السيرة، قديمها وحديثها. (?)
وأقدم من أورده من كتَّاب السيرة ابن إسحاق (ت151 هـ) (?)، وقال فيه الإمام الذهبي: "هذا حديث جيد الإسناد" (?)، وقال الحافظ بن كثير: "وهذا الحديث قد روي من