وحقاً فإن مصنفات هؤلاء الأعلام الذين ذكرتهم في السيرة معظمها مفقود لكن المصادر التالية التي وصلت إلينا اعتمدت على مصنفاتهم فنقلت عنها كثيراً بالأسانيد، وقد ظلت مادة المصنفات الأولى هي الأساس في المصنفات المتأخرة، ليس في المادة فقط بل في طريقة العرض أيضاً، ومن أبرز المصادر التي وصلت إلينا في السيرة.

(سيرة ابن هشام): وهي تهذيب لسيرة ابن إسحق، حيث حذف ابن هشام منها كثيراً من الإسرائيليات والأشعار المنتحلة وأضاف إليها معلومات في اللغة والأنساب، مما جعلها - بعد التهذيب - تنال رضا جمهور العلماء فليس من مؤلف بعده إلا كان عيالاً عليه. والحق أن الصورة التي تعطيها مغازيه عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تقترب إلى حد كبير مما أوردته كتب الحديث الصحيحة مما يعطي سيرته توثيقاً كبيراً. وقد شرح سيرة ابن هشام الحافظ السهيلي (ت 581 هـ) في كتابه "الروض الأنف" وهو مطبوع.

ومنها (الطبقات الكبرى) لمحمد بن سعد (ت 230 هـ) حيث خصص المجلدين الأولين من كتابه للسيرة، وابن سعد ثقة يتحرى في كثير من رواياته كما يقول الخطيب البغدادي والعسقلاني، لكنه ينقل عن الضعفاء مثل الواقدي الذي أكثر من النقل عنه حتى اتهمه ابن النديم بسرقة مصنفاته، لكن التدقيق يثبت أن ابن سعد مؤلف له منهجه وأنه يكثر النقل عن الواقدي كما يكثر عن شيوخ آخرين يبرز بينهم عفان بن مسلم وعبيد الله بن موسى والفضل بن دكين والثلاثة من ثقات المحدثين (?). وقد ذكر الحافظ الذهبي: "ويقولون إن ما رواه عنه - أي الواقدي - كاتبه في الطبقات هو أمثل قليلاً في رواية الغير عنه" (?)

ومنها (تاريخ خليفة بن خياط) المتوفى 240 هـ، وهو محدث ثقة من شيوخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015