لم تصح رواية في تحديد وقت إسلام عمر بن الخطاب بدقة، ولكن ابن إسحاق جعل إسلام عمر بعد هجرة الحبشة وذكر من وجه آخر إنه عقب هجرة الحبشة الأولى (?)، وتحدد رواية الواقدي إسلامه في ذي الحجة السنة السادسة من البعثة وهو ابن ست وعشرين سنة، كما تحدد روايات الواقدي أن عدد المسلمين كان أربعين أو خمسين أو ستاً وخمسين منهم عشر نسوة أو إحدى عشرة (?).
وكان عمر رجلاً قوياً مهيباً، وكان يؤذي المسلمين ويشتد عليهم، قال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل - وهو ابن ابن عم عمر، وزوج أخته فاطمة بنت الخطاب -: "والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم" (?).
وهكذا ربط عمر سعيداً بسبب إسلامه ليصده عن دينه. ولكن شدته الظاهرة تكمن خلفها رحمة ورقة، فقد أخبرت أم عبد الله بنت أبي حثمة - وهي من مهاجرة الحبشة - قالت: "والله إنا لنترحل إلى أرض الحبشة، وقد ذهب عامر في بعض حاجاتنا، إذ أقبل عمر بن الخطاب، حتى وقف علي - وهو على شركه، وكنا نلقي منه البلاء أذى لنا وشدة علينا - فقال: إنه للانطلاق يا أم عبد الله؟ فقلت: نعم والله، لنخرجن في أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله مخرجاً.
فقال: صحبكم الله، ورأيت له رقة لم أكن أراها. ثم انصرف وقد أحزنه - فيما أرى - خروجنا.
قالت: فجاء عامر بحاجته تلك، فقلت له: يا أبا عبد الله لو رأيت عمر