خرجوا مشاة إلى البحر فاستأجروا سفينة بنصف دينار (?).

وقد صورت أم سلمة (زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-) -وهي ممن هاجر إلى الحبشة الهجرة الأولى- الظروف التي أحاطت بهذه الهجرة قالت: "لما ضاقت علينا مكة -وأوذي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يستطيع دفع ذلك عنهم. وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مَنَعة من قومه وعمه، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه. فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن بأرض الحبشة ملكًا لا يُظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجًا ومخرجًا مما أنتم فيه)، فخرجنا إليها أرسالًا حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار أمنًا على ديننا ولم نخشَ منه ظلمًا" (?).

وممن خرج مهاجرًا إلى الحبشة أبو بكر الصديق رضي الله عنه حتى إذا بلغ بَرْك الغِمَاد (?) لقيه ابن الدَغِنَّة -وهو سيد القارة (?) - فقال: أين تريد يا أبا بكر؟

فقال أبو بكر: أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي. قال ابن الدغنة: إن مثلك لا يَخرج ولا يُخرج، فإنك تسكب المعدوم، وتصل الرحم، وتحملُ الكَلَّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق (?)، وأنا لك جارٌ فارجع فاعبد ربك ببلادك. فرجع أبو بكر مع ابن الدَغِنة الذي أعلن في قريش جواره له. فوافقت قريش على أن يعبد أبو بكر ربه في داره ولا يستعلن،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015