فَأول سياسة الْملك لنَفسِهِ اسْتِعْمَال تقوى الله تَعَالَى وَأَن لَا يخلى وقته من ذخيرة يدخرها بَينه وَبَين ربه ثمَّ الْإِكْثَار من تذكر نعْمَة الله عَلَيْهِ فِي أَن رَفعه وخفضهم وَملكه تدبيرهم وفضله عَلَيْهِم
فيواصل حمد الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَيجْعَل من مجازاة نعْمَة الله عَلَيْهِ الْعدْل فِيمَا ولاه وَالْإِحْسَان إِلَى من استرعاه والسهر لنومهم والتعب لحراستهم وَأَن لَا يظنّ أَن غَرَض الْوَالِي تَحْصِيل الرَّاحَة والدعة بل هُوَ أَحَق النَّاس بالتعب وأولاهم بِالنّصب
وَاللَّذَّات إِمَّا مُبَاشرَة للأعمال بِبدنِهِ أَو نفكر فِيهَا بِقَلْبِه
والسائس الْفَاضِل لَا رَاحَة لَهُ بِالْحَقِيقَةِ وَلَا طَرِيق لَهُ إِلَى اللَّذَّة إِلَّا بِمِقْدَار مَا يحمي نَفسه فِي أَوْقَات يسرقها من زمَان شغله فَيجب أَن يوازن بهَا مَا يتعوضه عَنهُ من جميل الذّكر وجليل الذخر ثمَّ رضَا سُلْطَان لَهُ إِن كَانَ فَوْقه وَلَا رُتْبَة أبهى من رُتْبَة الْعِزّ وَلَا زِينَة أجل من زِينَة المقتدر النَّافِذ الْأَمر وَلَا حِيلَة أحسن من حلية الثَّنَاء وَالشُّكْر
فَهَذِهِ لذات الساسة الْحُكَمَاء وأعواضهم من الكد والعناء هم حفظوا الْأُصُول فقد ينالون الْفُرُوع الَّتِي هِيَ اللَّذَّات فِي أَوْقَات لَا تخل بِأَشْغَالِهِمْ فَيجمع لَهُم الْأَمْرَانِ