خَيره وَمهما اشْتغل بِاسْتِيفَاء حَظه لَا يَأْتِي الْأَمر على وَجهه وَوَقع فِيهِ خلل وَترك الْأَمر خير من إفساده
وَيَنْبَغِي أَن يتلطف كل التطلف فِي نيل الْمَنَافِع من جِهَة الرؤساء بِأَن لَا يلح فِي السُّؤَال وَلَا يديمه وَلَا يظْهر الطمع والشره من نَفسه ويجتهد فِي أَن يطْلب من الرؤساء أَسبَاب الْمَنَافِع لَا الْمَنَافِع أَنْفسهَا مثل إِطْلَاق الْيَد فِي وُجُوه يجلب مِنْهَا الْأَمْوَال وَالْمَنَافِع ليقل السُّؤَال وَيكثر النَّفْع ويجتهد فَأن ينْتَفع بالرئيس لَا مِنْهُ من انْتفع بهم أعزوه وَمن انْتفع مِنْهُم ملوه
وليضع نَفسه عِنْدهم فِي صُورَة من يتخلع عَن ملكه وقنيته لَهُم بِأَهْوَن كلمة وأدون سعى وليحذر كل الحذر من أَن يتَصَوَّر عِنْدهم مِنْهُ أَنه يضن بِمَالِه أَو يحب أَن يستأثر بِشَيْء من مفتنياته فَإِنَّهُ يصير حِينَئِذٍ بِعرْض من الِاسْتِقْصَاء والممنوع محروص عَلَيْهِ والمبذول مملول مِنْهُ وليجتهد أَن يظْهر فِي كل مَا يَقْتَضِيهِ إِنَّمَا يَفْعَله ليَكُون زِينَة وجمالا للرئيس لَا لنَفسِهِ فَأَنَّهُ ملاك للإبقاء
وليحذر أَن يتَّخذ لنَفسِهِ شَيْئا مِمَّا يتفرد بِهِ الرئيس أَو مِمَّا يَلِيق بالرؤساء الَّذين فَوْقه فَإِنَّهُ كلما اتخذ شَيْئا من ذَلِك عرض نَفسه للهلاك وَعرض ذَلِك الشَّيْء للذهاب