يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا فمن منع هذا قوتل بتفاق المسلمين وأما من لم يكن من أهل الممانعة والمقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمن ونحوهم فلا يقتل عند جمهور العلماء إلا أن يقاتل بقوله أو فعله، وإن كان بعضهم يرى إباحة قتل الجميع لمجرد الكفر إلا النساء والصبيان لكونهم مالا للمسلمين. والأول هو الصواب لأن القتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله كما قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} 1. وفي السنن عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه مر على امرأة مقتولة في بعض مغازيه قد وقف عليها الناس فقال: "ما كانت هذه لتقاتل". وقال لأحدهم الحق خالدًا فقل له لا تقتلوا ذرية ولا عسيفًا. وفيها أيضًا عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: "لا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا طفلا صغيرًا ولا امرأة" وذلك أن الله تعالى أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق كما قال تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْل} أي أن القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أشد فمن لم يمنع المسلمين من إقامة دين الله لم تكن مضرة كفره إلا على نفسه".
وقال الأستاذ الإمام في تفسير قوله تعالى في سورة البقرة: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا} 2. الآيات: مجمل تفسير الآيات ينطبق على ما ورد من سبب نزولها وهو إباحة القتال للمسلمين في الإحرام بالبلد الحرام والشهر الحرام إذا بدأهم المشركون بذلك وأن لا يبغوا عليهم إذا نكثوا عهدهم واعتدوا في هذه المدة وحكمها بأن لا